سورة الفتح - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفتح)


        


{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)}
لما قال {إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله} أكده تأكيداً على طريق التخييل فقال: {يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} يريد أن يد رسول الله التي تعلو أيدي المبايعين: هي يد الله، والله تعالى منزه عن الجوارح وعن صفات الأجسام، وإنما المعنى: تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما، كقوله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله} [النساء: 80] والمراد: بيعة الرضوان {فَإِنَّمَا يَنكُثُ على نَفْسِهِ} فلا يعود ضرر نكثه إلا عليه. قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: بايعنا رسول الله تحت الشجرة على الموت، وعلى أن لا نفرّ، فما نكث أحد منا البيعة إلا جد بن قيس وكان منافقاً، اختبأ تحت إبط بعيره ولم يسر مع القوم. وقرئ: {إنما يبايعون لله} أي: لأجل الله ولوجهه، وقرئ: {ينكث} بضم الكاف وكسرها، وبما عاهد وعهد {فَسَيُؤْتِيهِ} بالنون والياء، يقال: وفيت بالعهد وأوفيت به، وهي لغة تهامة. ومنها قوله تعالى: {أَوْفُواْ بالعقود} [المائدة: 1] {والموفون بِعَهْدِهِمْ} [البقرة: 177].


{سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11)}
هم الذين خلفوا عن الحديبية، وهم أعراب غفار ومزينة وجهينة وأشجع وأسلم والديل. وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمراً استنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذراً من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت، وأحرم هو صلى الله عليه وسلم وساق معه الهدى، ليعلم أنه لا يريد حرباً، فتثاقل كثير من الأعراب وقالوا: يذهب إلى قوم قد غزوه في عُقْرِ داره بالمدينة وقتلوا أصحابه، فيقاتلهم، وظنوا أنه يهلك فلا ينقلب إلى المدينة واعتلوا بالشغل بأهاليهم وأموالهم وأنه ليس لهم من يقوم بأشغالهم. وقرئ: {شغلتنا} بالتشديد {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} تكذيب لهم في اعتذارهم. وأن الذي خلفهم ليس بما يقولون، وإنما هو الشك في الله والنفاق؛ وطلبهم للاستغفار أيضاً ليس بصادر عن حقيقة {فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ} فمن يمنعكم من مشيئة الله وقضائه {إِنْ أَرَادَ بِكُمْ} ما يضركم من قتل أو هزيمة {أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً} من ظفر وغنيمة وقرئ: {ضراً} بالفتح والضم. الأهلون: جمع أهل. ويقال: أهلات، على تقدير تاء التأنيث. كأرض وأرضات، وقد جاء أهلة. وأمّا أهال، فاسم جمع، كليال.


{بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12)}
وقرئ: {إلى أهلهم} {وَزَيَّنَ}، على البناء للفاعل وهو الشيطان، أو الله عز وجل، وكلاهما جاء في القرآن {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أعمالهم} [النمل: 24]، {وزينا لهم أعمالهم} [النمل: 4] والبور: من بار، كالهلك: من هلك، بناء ومعنى؛ ولذلك وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث. ويجوز أن يكون جمع بائر كعائذ وعوذ. والمعنى: وكنتم قوماً فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم لا خير فيكم. أو هالكين عند الله مستوجبين لسخطه وعقابه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7